بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, في هده السلسة سوف نقوم بقراءة وشرح لكتاب مهم في علم التعبير ألا وهو ( كتاب التعبير في الرؤيا ) أو القادري في التعبير نسبة لمؤلفه ابراهيم الدنيوري القادري ودلك سنه 398 هجرية.
فرؤية الله جل جلالة فيها المبشرة ومنها المنذرة وسوف نكتشف الحالات التي يمكن أن تتواجد في المنام, في كلتا الحالتين .
قال المسلمون رضي الله عنهم : من رأى الله تعالى في النوم على نوره وبهائه ، ولم يعاين صورة أو صفة أو تمثالا
بل رآه بقلبه عظيما ، كأنه سبحانه أكرمه وقربه وغفر له ، أو حاسبه وحسن قبوله تعالى له وبشره به وسيكون عبده اليه سبحانه فإن دلك يدل على لقائه في مثل هدا الحال ودخوله الجنة .
وأما من نظر اليه الله تعالى أو رآه تعالى وهو معه في البيت يمسح رأسه أو يبارك فيه ، أو يمرضه أو يضمه الى نفسه عزت قدرته ،عرفه صاحبه ام لم يعرفه ، أو يرسل اليه مثل دلك فهو تعالى يريه تخصصه به وقربه منه
لقوله تعالى (وباركنا عليه في الآخرين ) صورة الصافات, وقوله سبحانه ( وجعلني نبيا وجعلني مباركا ) سورة مريم إلا أنه لا يدفع عنه البلاء في الدنيا حتى يفارقها .
فمن رأى أنه ينظر الى الله تعالى ، فهي رحمته له ، وهذه رؤيا الأبرار, ومن قد أخلص وشمر في طاعة الله تعالى وآثره على سواه, وإن لم يكن صاحب الرؤيا برا فليحذر يوم يقوم الناس لرب العالمين .
وإن رآه تقدس إسمه وقد نزل الى الأرض والملائكة في سكينة ،فإن العدل والخصب يبسطان في ملك الأرض.
ويعيش أهلها بالنصر والنعمة .
ومن رآه سبحانه وقد سجد له ، فهو يقربه له ، لقول الله تعالى : ( واسجد واقترب ) سورة العلق .
وإن رآه سبحانه يكلمه بكلمة من وراء حجاب ، حسن دينه وأنفذ وصية وأمانة في يده .
وإن رآه تقدست أسماؤه . وقد أعطاه شيئا من محبوب الدنيا ومتاعها يدا بيد ،فهو يعطيه مثله في اليقظة مفاجأة ، ويؤتيه ولاية وملكا باقيا وقربا من الله .
وإن رآه وهو يعضه، فإن عبده ينتهي عما يكرهه تعالى منه ، لقوله تعالى : ( يعضكم لعلكم تذكرون ) سورة النحل .
فإن كساه ، فإنه يصبه ببلاء وهم وسقم مادام في الدنيا ،ويأجره عليه أجرا عظيما ، ويوجب له الجنة .
وإن حكم عليه بحكم أو أمره بأمر ، فهو في اليقظة كما حلم وأمر به ، لقوله تعالى : ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) سورة التين .
فإن رآه سبحانه ، وقد وعده قولا أن يغفر له او يدخله الجنه ، أو قد غفر له أو وعده بإن لا يدخله النار ،
ورأى كأنه نجا من سوء الحساب ، فإنه يسر : ( يحاسب حسابا يسيرا أو ينقلب الى أهله مسرورا ) سورة الانشقاق ،
ولكنه تصبه غموم في قلبه من خوف الله عز وجل وخشية ميعاده اليه ، وبلاء في معيشته وبدنه ما عاش
وهو ولي غير مخذول في الدين ، وسينال ما وعد الله له ، لقول الله تبارك وتعالى : ( وعد الله ولا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) سورة الروم
وقوله ( إن الله لا يخلف الميعاد ) سورة آل عمران .
فإن رآه عزت قدرته في محلة أو موضع ، نزل العدل هناك . فإن كان أهله هناك مظلومين نصروا ، أو ظالمين أو على معصية انتقم منهم .
ومن رآه جل جلاله يصلي أو يسبح في موضع ، فإن رحمته ومغفرته تغشيان أهل داك الموضع ، فإن كان في حرب انتصر أو حضرت مكروب فرج الله عنه .
فإن رآه في صورة الأقارب من الاخ أو الوالد ،فذلك فضل الله ولطفه بصاحب الرؤيا ،
يعلمه بمكانته عنده ، وأن شفقته عليه كشفقة أبويه عليه ، في دينه خاصة دون دنياه ،
ومن رأى كأنه يناجي ربه تعالى ، فإنه يجد القرب ومحبة القلوب لقوله عز وجل ( وقربناه نجيا ) سورة مريم .
وإن رأى نورا تحير فيه وعجز عن وصفه ،
ابتلي في الدنيا ببلاء فلن ينج بنفسه ، وإن رأى نوره تعالى نال اهله خصبا .
فإن رأى كأنه تعالى دعاه باسمه ، ارتفع شأنه ، وقهر اعداؤه .
والنظر الى كرسيه تعالى نعمة من الله ورحمته وخير والدارين .
فإن رآه جل جلاله على صورة هيئة إنسان معروف ، ولم يزل دلك المعروف مستعليا قاهرا مكذوبا عليه في الأقاويل .
وإن رآه كافر على نوره أسلم , والله اعلم
.